‏إظهار الرسائل ذات التسميات افلام قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات افلام قصيرة. إظهار كافة الرسائل

صندوق الدنيا ..

صندوق لافف على الحارات ، بيضم كل الولاد ، كلهم قاعدين و مبحلقين في عدساته ، شبابيكه فاتحة على الدنيا الف باب، و عم ايوب بيلف عجلة الصندوق ، بيحكي الحكاية كل مرة بنفس الهمة .....
عَجَل عَجَل عَجَل ...
عمال يلف و يدور ، ومتزوق بشريط بلاستيك ملون، يبهر العيون، ولاد كتير متجمعين و اللي يقدر يأجر يجي و يتفضل .
عم عبده العجلاتي عامل شغل على مية بيضا،، مزوق العجلة من دول عشان تشد الزبون ، و العيل يا ولداه يطب ما يقدرش يقاوم ،و يجري على ابوه عاوز ايجار العجلة.
و اتفرج يا سلام ..!!!
تليفزيون داير و مابيلقطش غير المزازيك و حكاوي ماليهاش طعم , بس المهم تسد الجوع و لا تشبعش ..
و اتفرج يا سلام ..!!!
باب متوارب وراه ابلتي فايزة و ابلتي امال ، معاهم سبرتاية و فناجان فاضي و بن محوج من مطحنة عم طاهر ، و حكاوي ما بتنتهيش عن فلانة و علانة و الحاجات و سعرها . فنجان يتملي و يرجع يفضى ..و الحكاوي مابتنتهيش .
و اتفرج يا سلام ..!!!
ترررريم تررريم ..
شفا و خمير يا عرقسوس ...
صاجاتة ترررررررررن , و عرقسوسه الساقع ابو تلجاية. الله عليه يروي بصحيح في الحر ده ، و يهدي صدر العيال بعد الجرى و التنطيط ، يشطف الكباية ،و ينطر مية الشطف على الارض ترطبها ، لاجل ينوبها من الطراوة جانب ..
لكن مفيش غير نقط عرقه نازلة على جبينه ، و عروق رقابته منطورين من المنادية .
شفا و خمير يا عرق سوس ..
و اتفرج يا سلام ..!!!
وفوق وقفت "هنا" ، عروسة جديدة بتنشر غسيلها الفوللالي ، فراحانة بنظافته و بتوفيرها ، ماهي غسلت بالتُمن كيلو .. على الله المهية تكفيها مسحوق غسيل بس ..
و اتفرج يا سلام ..!!!
وواقف ع الناصية شباب زي الورد ، ساندين ظهورهم على العمود , و غيتهم التقليب في الموبايل و الرنات للمطرب الفلاني و العلاني ، و اللي اتحرك فيهم جاب كورة و اداها لعب ..
و اتفرج يا سلام ..!!!
و فرارجي بيهش و ينش ، مستني اللي يطلب ، بدارى و عتاقي ، الحلو .. يا حلو ..
اصل الحلو للحلوين ...
و اتفرج يا سلام ..!!!
و عسكري في الاشارة ، ماسك قلم ودفتر ،و حافظ تمام القانون الجديد ، و بيورينا شطارته في التسميع و التنفيذ .
و اتفرج يا سلام ..!!!

ولاد رايحين جاين، ملمومين على عم ايوب عاوزين يسمعو الحكاوي ، و يحطوا المعلوم في كوزه الصفيح .
و يقوم عم ايوب ،يلفح الصندوق على ظهره ، و يلف بيه الحواري ، و وتلف بيه الدنيا ..
و اتفرج يا سلام ع الدنيا و صندوق الدنيا ..!!!

بيجامتي البرتقالي ...

- "مساء الورد يا ماما ، بتعملي ايه بأه الليلة دي ؟"
رددت هذه الكلمات على مسامع امي و انا اطبع على جبينها و يديها قبلاتي عندما زرتها في بيتنا كنا مساء احد الايام عند اقتراب دخول الشتاء. كانت عادة امي في تلك الايام ان تبدل الملابس الصيفية بالشتوية و كان مجهود عليها ان تقوم بذلك .
فبادرتها قائلة ..
- "خلليكي انت مرتاحة يا ست الكل قولي بس انت تأمري بإيه و انا اعمل اللي انت عاوزاه" .
هممت بالعمل الملابس ، كانت ثقيله جدا و غامقة الالوان، مخلوطة برائحة الصابون الذي تتعمد امي وضعه بداخلها لتكتسب رائحة زكية اثناء التخزين.
تذكرت الشتاء و لياليه البارده، و التحافنا بالبطاطين و كباية السحلب مع شوية فول سوداني و دفاية.
ياااا سلاااااااااام....
هكذا يكون الدفء ، و الادفئ من ذلك الحديث العائلي اللطيف و الضحكات المدوية في ارجاء المنزل.
وظللت افرغ الخزائن من ملابس و بطاطين، الى ان لاحت لي قطعة لونها برتقالي، كانت غير مألوفة وسط الحشد من الالوان الغامقة، استوقفتي للحظة و كأنها اشارة حمراء، استرجعت بذهني : ما هذا يا ترى؟ آه انها بجامتي البرتقالية ، ياه التقطها بيدي و تحسستها، و كانما اشعر بنسيجيها يلف جسمى و يغمرني بدفئه .
ياااه مازالت في الخزانه بعد هذه السنوات الطويله ، لماذا لم تتخلص منها امى الى الان ، لم ارتديها منذ عشر سنوات تقريا، ربما حافظت امي على طلبي بألا تلقيها ...
وضعتها في حقيبتي جانبا حتى انتهى مما بدأت به، رتبت الخزائن ووضعت بها قطع الصابون كما اوصتني امي.

توجهت لبيتي فأنا متزوجة و لدي طفلين ، و كلها ساعتين و يحضر زوجي من عمله، و لازم اكون في البيت قبل ان يصل احضر له العشاء و افتح له الباب عندما يصل ،هذا هو تقليدنا سويا عندما يصل للمنزل منذ ان ارتبطنا.
بعد ان هدأ البيت و لا يسمع سوى صوت السكون، اجول بنظري في سقف حجرتي، استرجع احداث اليوم انتظارا للنوم .
فجأة تذكرت البيجامة.. مازالت في حقيبتي، لماذا احضرتها؟!! لألبسها ؟!! لا طبعا ، ليست على قياسي، لا اعلم.
فقمت من مكاني ، و اغلقت باب غرفتي، حتى لا يستيقظ زوجي من منامه فهو مرهق و يحتاج للراحه.
اخرجتها من الكيس ، لمع في عيني لونها الزاهي ، لطالما ناسبني هذا اللون كله اشراق وحيوية و دفئ.
كنت في الخامسة عشر و رأيت "توتا" ابنه خالتي ترتدي مثلها ، اعجبني بشده بساطة شكلها و حبات الفراوله التي رسمت على صدرها و ازرارها التي كانت على شكل فراشات ملونه .

- "شوفتي البيجامة دي من واحده عدت علينا في الشغل النهارده ، معاها حاجات حلوة اوي ، لاقيت البجامة رقيقة و سعرها مناسب اخدتها ، ايه رأيك !!.
هكذا سمعت خالتي تخاطب امي .
-"مبروك يا توتا تعيشي و تدوبي".
كان هذا رد امي ممزوجا بابتسامة صافية.
-"يا سلام لو الست دي تيجي عند ماما في الشغل ، بس مين عارف".
جال ذلك في خاطري.
و بعد يومين اهدتني خالتي بيجانة مماثلة و كأنها سمعت بحديث نفسي ، فرحت بها كثيرا ،و لبستها و اطلقت شعري المقصوص كاريه على كتفي، كان شكلي فيها تحفة لها ضي حيوي على وجهي، توردرت وجنتاي كحبات الفراولة المتراصة على صدر بيجامتي، ابتسمت في المرآه و كنت زي ما بيقولوا كتكوتة . ما احلاني ...

وفجأة طرأت لي فكرة مجنونة، اغلقت الباب و تناولت بجامتي، واجهت صعوبة في ارتدائها نظرا للزياده بعد الجواز و تغير جسمي بعد الولادة ، فككت شعري من الكحكة ،و اطلقته على كتفي مثلما فعلت انفاً ، تذكرت مشاعر البنوتة الصغيرة، حيوية و شباب ، روح متراقصة كالفراشة ، ضحكات عالية ، الوان فاتحة و صارخة رائحة البحر و عبير الفواكة، شقاوة ، حكاوي البنات ، الوان الماكياجات و مونيكير، احلام المستقبل ...
ابتسمت بسعاده بالغة، سافرت للماضي كالافلام ،تنقلت بين كل ما هو سعيد فيما مضى، لكنني هنا الان اعيش باحساسات تغمر حياتي بالرضا و السعاده ، ضحكات زوجي و اولادي تملأ ارجاء حياتي و كياني.
خلعتها عني و صفدتها ،و اعدتها الي الخزانة مع قطعة من الصابون شاكرة لها ذكرياتي الجميلة.
ذهبت الي سريري و ارحت ظهري، آه لقد نسيت لم شعري لكن مش مهم سأحرره مثلما كنت انام و انا صغيرة ،استدرت و لففت زوجي بذراعي و ذهبت في نوم عميق ....